الوظائف التداولية للحوار المسرحي- مسرحية بيت الدمية لهنريک إبسن أنموذجاً

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

کلية الآداب- جامعة الأسکندرية

المستخلص

إن التطور الذي حدث على الساحة الإبداعية العالمية والمحلية في مجالات المسرح والقصة والرواية والشعر وغير ذلک من فنون الإبداع، شمل مناهج التحليل الأدبي والنقد المعاصر حيث تداول النقاد بعض المصطلحات التي وردت في معظم دراساتهم حول العلامات والمرسل والمستقبل والتلقي والقصدية/ العمدية وأخيراً التداولية، ولعل جل هذه المصطلحات التي جاءت متعاقبة إنما جاءت لکي تلاحق التطور الإبداعي وتتخطى مراحل الجمود التي قد تصيب مدرسة من المدارس النقدية، ولعل السيميولوجيا بما قدمت وأضافت إلى قراءة وتحليل ونقد الإبداع والتلقي بما قدمته من مقاصد المرسل والمتلقي في أجواء القصدية، وأخيراً التداولية التي جاءت استمرار لتطوير ما عجزت السيميولوجيا عن تقديمه، کل ذلک يؤکد أن ما توصل إليه النقاد ليس نهاية المطاف، لکننا في انتظار الجديد على الساحة الإبداعية والنقدية العالمية.
تعد التداولية نسقاً معرفياً استدلالياً سعى إلى الوقوف على أغراض القائل المقامية (المؤلف والنص المسرحي) من خلال معرفة الاستراتيجية الخطابية للنص، ومن ثم يکون المعنى المقامي أساس التفسير، وذلک بالکشف عن قيمة القول خارج العالم اللساني، بمعنى البحث عن البعد العملي للقول، ذلک أن التداولية تجعل القول اللغوي (الخطاب) حدثاً في العالم يسعى إلى التعبير عن طريق التواصل.
إن نظرت التداولية إلى الخطاب المسرحي بوصفه موضوعاً خارجياً يحتاج إلى فاعل (مرسل) ويقوم على علاقة تخاطبية (رسالة) أي أنها تدرس العمل الإبداعي عبر الترکيز على قصدية المبدع، ومحاولة رصد البعد الحجاجي والمنطقي في النص، فهي ترکز على الجانب الاستعمالي والتواصلي للغة الذي يهدف إلى إقناع المتلقي واستمالته وتحقيق الأثر الإيجابي فيه من وجهة نظر المبدع.
جاءت أعمال الکاتب المسرحي"هنريک إبسن" ومسرحيته "بيت الدمية" واقعاً لاختياره نظراً لما تتميز به مسرحياته من غلبة الطابع الحواري عليها مما يمکننا من دراسة تداولية اللغة أثناء الاستعمال، ولعل النص المسرحي يعد من أهم أنواع الإبداعات الأدبية في تحقيق ذلک وإظهار وظيفة اللغة التي تتمثل بشکل رئيسي على التواصل بين المرسل والمستقبل، أما عن اختيار "إبسن" فراجع إلى مضامين مسرحياته المستمدة من الواقع المعيشي، وصور فيها مشاهد إنسانية معبرة دالة على عمق التجربة المعيشية حيث استطاع أن يحقق التوافق والمواءمة الفنية بين الترکيبة النفسية للشخصية البطلة وبين الشخصيات المحيطة بها، ليکشف من خلالها عن تناقضات سلوکية وبشرية في الواقع.تعتمد دراسة التداولية للإبداع المسرحي على النهج الذي ترکز عليه الباحثة، ذلک أن المقاربة التداولية والترکيز على العناصر التداولية والوظائف التداولية للنص جلها محاولات تقوم بها الباحثة عبر هذه الدراسة وذلک من خلال قراءة الدلالات والمعاني، والإشارات والمعينات الزمانية والمکانية، ورصد الحوارات والبعد الحجاجي، والإحالات المرجعية للوصول إلى مقصدية الکاتب والنص، وذلک باستخدام آليات المنهج التحليلي الوصفي.