أثر استخدام الخرائط المعرفية الإلکترونية في تحفيظ القرآن الکريم على تنمية مهارات التذکر والتدبر لدى طالبات الصف الأول المتوسط بمدينة رابغ

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

المستخلص

اهتمت الأمة الإسلامية امتدادا من أسسها الراسخة ومبادئها السامية بکل ما يتعلق بالتربية والتعليم وخاصة تعليم القرآن الکريم الذي هو معجزة الإسلام الکبرى التي أودع الله فيها من کنوز المعرفة ما يفتح للإنسانية آفاقا رحبة في الکون والحياة، وقد کان الصحابة رضي الله عنهم يتدارسونه ويتدبرونه ويعلمونه لمن بعدهم استشعارا منهم لمسؤولية تعلمه وتعليمه کما تلقوه عن النبي الکريم للأجيال التالية، وامتدادا لهذه المسؤولية فإن على المختصين في التربية تقديم الوسائل والأساليب المعينة على حفظ القرآن الکريم وتدبره، خاصة وأن واقع تدريس القرآن الکريم يتطلب اهتماما أکبر بإستراتيجيات وطرق تدريسه، ويدل على ذلک التوصيات التي خرجت بها المؤتمرات ونتائج الدراسات التربوية المهتمة بتعليم القرآن الکريم والداعية إلى ضرورة تطوير طرق ووسائل تدريسه في مراحل التعليم العام وتناول جوانب القصور في تدرسه بالبحث، من ذلک توصية المؤتمر العالمي الثاني لتعليم القرآن الکريم بالبحرين (2013م) التي دعت إلى ضرورة الإهتمام بالطرق التعليمية في مؤسسات التعليم القرآني وتدريب المعلمين على استخدام وسائل التقنية والتعليم في تدريسه، ونتائج دراسة الشمري (2003م) التي أظهرت أن من مشکلات تدريس القرآن الکريم عدم إجادة معلمي القرآن الکريم لطرق واساليب تدريس القرآن الکريم وعدم توفر وسائل تعليمية خاصة بتدريس القرآن الکريم، وتوصيات دراسة کل من العاصم (2000م) وحشروف (2006م) والسدحان (2011م) بضرورة العناية بتدريس القرآن الکريم بمدارس تحفيظ القرآن الکريم، والإهتمام بعقد الدورات التدريبية للمعلمين أثناء الخدمة لتنمية مهاراتهم وتنويع أساليب تعليمه وتدريسه، وأن استخدام الوسائل التعليمية في التدريس يحدث رغبة وميول عند المتعلمين نحو الدرس مما يدفعهم إلى المشارکة الإيجابية فيه.
وتسعى الباحثة من هذا البحث إلى تقديم طريقة تدريس مختلفة وجديدة في تدريس مقرر القرآن الکريم، وهي تحفيظ القرآن الکريم بإستخدام الخرائط المعرفية التي أثبتت أثرها الإيجابي في تسهيل عملية التعلم، والإحتفاظ بالمعلومات لوقت أطول، فهي توضح البنية المفاهيمية للمحتوى وکان أول من طبقها جوزيف نوفاک المنتمي للمدرسة البنائية، کما تساهم في تنمية المهارات العقلية المختلفة المهمة لحفظ القرآن الکريم کالحفظ والتذکر والربط وتنظيم المعلومات من خلال ترتيبها هرميا في علاقات واضحة.
ويدل على ذلک نتائج دراسة الأهدل (2005م) التي أثبتت أن لخرائط المعرفة أثرا إيجابيا في تنمية مهارات الإستذکار والتعرف على أنواع النصوص المعرفية وتحليلها، ودراسة الأنصاري (2011م) التي أثبتت أثرها في تحسين فهم النصوص الأدبية وتذوقها، ودراسة فخرو (2010م) التي أثبتت أثرها على مستويات التحصيل العليا والإحتفاظ بالتعلم.
ويقدم هذا البحث الخرائط المعرفية الإلکترونية بأسلوب تقني حديث يسهم في تدريس القرآن الکريم بإستخدام التقنية الحديثة، حيث صُمّمت الخرائط المعرفية بشکل جذاب ومشوّق وقدمت المعلومات فيها بشکل مترابط ومتسلسل يساعد على تحسين عملية التعلّم واستمراريتها، وقد دعت العديد من الدراسات التربوية إلى استخدام التقنية الحديثة في تدريس القرآن الکريم منها دراسة آل کنة والحيالي (2010م) التي دعت إلى إجراء دراسات مماثلة تتناول تقنيات جديدة في تدريس القرآن الکريم غير التي استخدمها الباحثان، ودراسة الرفاعي (2004م) التي أوصت بإعتماد طريقة التعلم بإستخدام الحاسوب في تدريس مساق التلاوة والحفظ، ودراسة الزهراني (2005م) التي أوصت بأهمية إستخدام التقنية الحديثة في تدريس القرآن الکريم، ودراسة خليل (2013م) التي أوصت بالإهتمام بتعليم وتحفيظ القرآن الکريم بجميع وسائله القديمة والمعاصرة والتقنية وحث جميعات ومراکز تعليم وتحفيظ القرآن الکريم على الإتجاه إلى طرق إستخدام التقنية المعاصرة، وتوصيات المؤتمر العالمي الأول لتدبر القرآن الکريم الذي أقامته الهيئة العالمية لتدبر القرآن الکريم بالدوحة (2013م) إلى الإهتمام بمستحدثات العصر التقنية وإنتاج تطبيقات متنوعة لنشر ثقافة التدبر على الأجهزة الحديثة بمختلف أنواعها، وتوصية المؤتمر القرآني الدولي السنوي (مقدس) المنعقد بکوالالمبور (2011م) بالإستفادة من التقنيات الحديثة (الحاسوب والإنترنت) وتنميتها في خدمة القرآن الکريم وعلومه.
وقد تناول هذا البحث تنمية مهارات التدبر کذلک بإستخدام الخرائط المعرفية الإلکترونية لما تتميز به من تبسيط للمعلومات وتحليل لموضوعات السورة وتحديد الأفکار وإظهار الروابط والعلاقات بين الآيات حتى يسهل حفظها واستدعاءها عند التسميع وکذلک تدبرها، فتحيى الطالبة بالقرآن وتربطه بواقعها وتستشعر ما جاء به وتتعرف على ربها وعظيم صنعه وتزداد إيمانا وتعلقا به فتتقبل أوامره ونواهيه ويتحقق لديها الإمتثال والخضوع.
وقد دعا المؤتمر العالمي الأول لتدبر القرآن الکريم بالدوحة (2013م) إلى تعزيز ثقافة التدبر، والإستفادة من خبراء التربية في إعداد حقائب تدريبية تساعد على التدبر، وإلى ضرورة التواصل مع الجهات المعنية بالتعليم لإقرار مناهج متخصصة في تدبر القرآن الکريم، وکذلک دعت بعض الدراسات إلى تحقيق التدبر في حصة القرآن الکريم کدراسة الثبيتي (2003م) التي أوصت بأن تحرص المدارس على تحفيظ القرآن الکريم بتدبر وتفکر، ودراسة الأهدل (2008م) التي أوصت بإجراء المزيد من الأبحاث والدراسات التربوية والنفسية حول تعليم تدبر القرآن الکريم.
وفي ضوء ما سبق، قامت الباحثة بالبحث في هذا الموضوع الذي يسهم في الرقي بتدريس القرآن الکريم، ويجعل تعلّمه أکثر فاعلية وذا معنى، ويُخرج تدريسه من الرتابة إلى التجديد بإذن الله.